هل يجوز التسبيح باليد اليسرى ؟؟؟؟؟

هل يجوز التسبيح باليد اليسرى؟
    الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

 استحب بعض العلماء عقد التسبيح باليمين واحتجوا بما رواه محمد بن قدامة، عن عثام بن علي، عن الأعمش، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه . أخرجه أبو داود (1502).

   لكن قد أخطأ محمد بن قدامة في زيادته هذه فإنه خالف أصحابه في روايته لهذا الحديث فرواه أصحابه: عبيد الله بن عمر عند أبي داود (1502)، ومحمد بن عبد الأعلى عند الترمذي (3411) و(3486)، والنسائي( (1278، والحسين بن محمد الذراع عند النسائي (1278) ثلاثتهم عن عثام بن علي بهذا الإسناد من دون زيادة ((بيمينه ))، كما روى هذا الحديث مطولاً عن عطاء بن السائب غير الأعمش ولم يذكروا فيه زيادة (( بيمينه )) منهم سفيان بن عيينة عند الحميدي (583)، والبخاري في الأدب المفرد (1216)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (819)، وجرير عند أحمد 2/160، وشعبة عند أحمد 2/204، وأبي داود (5065)، ومعمر عند عبد بن حميد (356) وغيرهم.

    وإليك بعض الروايات:

 - 1

 أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر حدثنا أحمد بن المقدام العجلي حدثنا عثام بن علي عن الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يعقد التسبيح بيده ))، صحيح ابن حبان ج3 ص123 .
2   - حدثنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي ثنا إبراهيم بن الحسن بن المثنى ثنا عفان ثنا شعبة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: ثم رأيت النبي صلى الله عليه وسلم (( يعقد التسبيح )) رواه الأعمش عن عطاء بن السائب. المستدرك على الصحيحين ج 1 ص731 .
3  - عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال ثم رأيت النبي صلى الله عليه وسلم (( يعقد التسبيح )) . المستدرك ج1 ص732 .
4  - أخبرنا محمد بن يحيى بن زهير حدثنا أحمد بن المقدام العجلي حدثنا عثام بن علي عن الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم (( يعقد التسبيح بيده)). موارد الظمآن ج1 ص 580 .
5   - حدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا عثام بن علي عن الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنها قال ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يعقد التسبيح ))، قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من حديث الأعمش . سنن الترمذي ج5 ص478 .
6  - حدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا غنام بن علي عن الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال ثم رأيت النبي صلى الله عليه وسلم (( يعقد التسبيح )) سنن الترمذي ج5 ص 521.
7  - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي ثنا إبراهيم بن الحسين ثنا آدم بن أبي إياس ثنا شعبة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يعقد التسبيح )) . سنن البيهقي ج2 ص253.
8  - أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني والحسين بن محمد الذراع واللفظ له قال نا عثام بن علي قال ثنا الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يعقد التسبيح)). السنن الكبرى للنسائي ج1 ص403.
9 - أن النبي صلى الله عليه وسلم (( يعقد التسبيح بيده )) . مسند الامام أبي حنيفة ج1 ص143
 - 10حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع قال أخبرنا عثام بن علي قال أخبرنا الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال رأيت النبي (( يعقد التسبيح )) . مسند البزار ج6 ص387.
 - 11 عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ((يعقد التسبيح )) . المعجم الأوسط للطبراني ج7 ص121.
12  - حدثنا معاذ قال نا مسدد ومحمد بن أبي بكر المقدمي وعبيد الله ابن عمر القواريري قالوا ثنا عثام بن علي عن الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم (( يعقد التسبيح )) . المعجم الأوسط ج8 ص258.
   فالأحاديث التي مرت كلها قد روت أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه الصحابة الكرام رضي الله عنهم يعقد بيده، ومعناه بكلتا يديه، لأن العرب تطلق اليد وتريد بها الاثنين، والدليل على هذا التأويل ما جاء في صحيح السنة، وفي معاجم اللغة العربية الفصحى الذي نزل القرآن الكريم بها، ففي سنن النسائي ج3 ص5 بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( أما يكفي أحدكم إذا جلس في الصلاة أن يضع يده على فخذه .... ))، والمراد هنا يديه لأنه في التشهد يضع كلتا يديه على فخذيه ولا يقتصر على واحدة دون الأخرى . أما في اللغة : فقال المجد الفيروزآبادي في القاموس المحيط في مادة [[ شمل ]] حيث قال:[اشتمل بالثوب: أداره على جسده كله حتى لا تخرج يده ] أي يديه. فليُتَأمل ذلك.
   وأما من يقول بل هي باليمنى فقط لأن النبي صلى الله عليه وسلم (( كان يحب التيامن في شأنه كله)) البخاري ج1 ص 269 ومسلم ج 1 ص226.
  فنقول قبل كل شيء علينا أن نكمل الحديث إلى نهايته، ولا نكون كالذي يقرأ الآية ((وَالْعَصْرِ{1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{3}.  كمن يقرأ هذه الآية ثم يقف عند قوله تعالى: " والعصر إن الإنسان لفي خسر"، ويترك البقية بدون أن يكمل:" إلا الذين....."، فمن وقف على خسر فقط أخطأ في التلاوة، ومن العلماء قالوا إذا تعمد ذلك --- وأراد أن كل الناس في خسر- كفر، لأن الإنسان تشمل الأنبياء والرسل، وليس هذا محل كلامنا إنما نعود إلى الحديث الشريف ألا وهو (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في طهوره إذا تطهر وفي ترجله إذا ترجل وفي انتعاله إذا انتعل )) البخاري ج1 ص 269 ، ولا يعني أن النبي إذا كان يحب التيمن انه لا يسبح باليسرى لأنه يبتدئ باليمنى ويختم باليسرى، والدليل على هذا الكلام أن النبي صلى الله عليه وسلم نقل عنه انه يحب التيمن في طهوره يا ترى هل يقتصر على يمينه ويترك الشمال؟ وهل في صلاته يستخدم اليمنى فقط ويترك اليسرى بحجة أنها للأشياء غير النظيفة؟ وهل إذا اغتسل اغتسل باليمنى وترك اليسرى ؟؟؟؟ لا ثم لا ، بل كان صلى الله عليه وسلم يبدأ باليمين ثم يختم باليسار وهذه هي السنة .
   وأما ما روي في الحديث: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله الخسروجردي أنبأ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ثنا أبو حفص عمر بن الحسن حد ثنا محمد بن قدامة بن أعين حدثنا عثام عن الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال ثم رأيت

رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يعقد التسبيح بيمينه)). سنن البيهقي الكبرى ج2 ص187
   فنقول هذا الحديث عند أهل الجرح والتعديل قالوا لفظ [[ بيمينه ]] هي من زيادة الراوي وهي للتفسير لما يعقد باليد والدليل هو الحديث التالي:   أخبرنا أبو علي الروذباري أنبأ محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا عبيد الله بن عمرو بن ميسرة ومحمد بن قدامة في آخرين قالوا حد ثنا عثام عن الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله ابن عمرو قال ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يعقد التسبيح)) قال ابن قدامه بيمينه، وابن قدامة هذا هو شيخ أبي داود واسمه محمد، أي أن هذه الزيادة هي من تفسيرات الرواة وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا من قول الصحابة الكرام، ولو كان التسبيح يقتصر على اليمين فقط دون اليسار لنبه النبي صلى الله عليه وسلم الصحابيات الكرام عندما قال لهن صلى الله عليه وسلم :
   عن يسيرة رضي الله عنها وكانت من المهاجرات قالت : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس، ولا تغفلن فتنسين الرحمة، واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات )) رواه أحمد والترمذي وأبو داود. وفي رواية : عن يسيرة بنت ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يا معشر النساء اعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات )) . سنن الترمذي ج5 ص521.
   فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لهن [[ اعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات]] والأنامل جمع لجميع الأنامل التي في اليدين ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد منهن اليد اليمنى لقال لهن عليكن بأنامل اليد اليمنى فقط وإياكن من التسبيح باليسرى، وتخصيص اليمين في التسبيح فقط ونسبتها إلى خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم هو من باب التقول على النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله فليتنبه.

   كبار علماء السعودية يجيزون التسبيح باليد اليسرى: +

  فتوى: هل التسبيح على اليد اليسرى محرم؟ بمعنى بعد الصلاة نسبح على الأصابع اليمنى فقط ولا نستخدم اليد اليسرى.
   أجاب عن السؤال لجنة البحث العلمي / بإشراف الشيخ الدكتور عبد الوهاب بن ناصر الطريري (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً، نائب المشرف على موقع الإسلام اليوم).
   الجـواب: ورد في عقد التسبيح باليد حديث عبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما- قال: "رأيت النبي – صلى الله عليه وسلم- يعقد التسبيح بيده. رواه أبو داود (1502)، والترمذي (3486)، وغيرهما.
  وجاء في رواية أبي داود بلفظ: "بيمينه" تفرد به محمد بن قدامة، عدها بعض العلماء خطأ، والأشهر رواية: "بيده".
   وقد استوعب هذا الخلاف، وناقشه، ونصر رواية بيده، وغلَّط رواية: "بيمينه" الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله- في كتابه: (لا جديد في أحكام الصلاة)، من صفحة (52)، إلى صفحة (65) فليراجع.
     ومال من اعتمد رواية أبي داود: "بيمينه" إلى أفضلية التسبيح باليمين، وجواز ذلك على اليدين، قاله الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله-.
   ورجح غيره أن التسبيح بكلتا اليدين هو الأفضل؛ قاله الشيخ ابن جبرين – حفظه الله-.
   وكلام الشيخ ابن جبرين – حفظه الله- في (موقع كلمات)، وكلام الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله- في مجموع الفتاوى (13/242-243-418 ).
   وقال الشيخ ابن جبرين – حفظه الله-: هنا مسألة ظهرت لي، وقد يكون لغيري فيها نظر، وهو عد التسبيح بالأصابع، فيفضل أن يعدها بأصابع يديه كلتيهما اليمين واليسار، هذا هو الذي ترجح عندنا، وذلك أن حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- الذي يقول فيه: رأيت النبي– صلى الله عليه وسلم- يعد التسبيح بيده. والروايات أكثرها بيده، واليد: اسم جنس يصدق على الجمع كما في قوله تعالى: "تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ" [الملك:1] مع قول النبي – صلى الله عليه وسلم-: "والخير في يديك" فاليد اسم جنس، فقوله: "بِيَدِهِ" أي: بجنس اليد.
   ثم في رواية عبد الرزاق: يعد التسبيح بيديه، وهو صريح بأنه يعد التسبيح بيده كلتيهما، ثم في رواية أخرى: يعد التسبيح بأصابعه. وهو صريح بأنه يعد التسبيح بالأصابع كلها.
   أما رواية: بيمينه فانفرد بها راوٍ واحد خالفه زميله الذي روى عن شيخه، هذا أحد الرواة الذي في سنن أبي داود، اسمه محمد بن قدامة انفرد بكلمة يمينه، والبقية خالفوه.
   ثم جاء حديث صحيح في مسند أحمد وفي السنن عن صحابية اسمها يُسَيْرة أن النبي – صلى الله عليه وسلم- أمرها بالتسبيح والتكبير والتحميد، وقال:"واعقدن بالأنامل، فإنهن مسئولات مستنطقات".معناه أن أصابعك إذا سَبَّحْتَ وعَدَدْتَّ بهن فإنها تشهد لك، فكونها تشهد لك العشرة أولى من كونها تشهد لك الخمسة. وهذا هو الذي ترجح لي، ومن ترجح عنده غير ذلك فله ما يختاره.
        والخلاصة: أن التسبيح باليد اليسرى جائز، بل له وجه أفضلية كما سبق، والأمر في ذلك واسع والله أعلم.