مشروعية الدعاء بعد إقامة الصلاة
يعتقد بعض الناس أن الدعاء بعد الإقامة لا أصل له و لا دليل عليه ، بل قد سمعت عن بعضهم يزجر عن ذلك و يقول : " إذا أتم المؤذن الإقامة فلا احد منكم يدعو بأي شيء من الدعاء لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و لم يرد في الكتاب و لا في السنة ، إذا ذكر المؤذن الله في الإقامة فاذكروا الله و اسكتوا حتى يكبر الإمام ."
بل لقد سئل بعض أهل العلم عن الدعاء قبل الإقامة و بعدها ؟ فأجاب : " أما الدعاء قبل الإقامة ففعله من يقتدى به ، و أما الدعاء بعد الإقامة فلم يرد فيه شيء و الأولى عدم فعله . "
قلت : هذا غريب ، و قد اخرج أبو داود و النسائي في ( عمل اليوم و الليلة ) عن عبد الله بن عمرو أن رجلا قال : يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " قل كما يقولون ، فإذا انتهيت فسل تعطه . " .
و هذا يعم الأذان و الإقامة لأن كلا منهما يسمى أذانا .و من ثم قالوا : السنة في حق المستمع للإقامة أن يقول كما يقول المقيم لأنها أذان ثان فتجاب كما يجاب الأذان و يدعو عقبها بالدعاء المأثور : " الله رب هذه الدعوة التامة و الصلاة القائمة ... إلخ "
قال الشوكاني رحمه الله في ( تحفة الذاكرين ص :68 ) : الإقامة نداء إلى الصلاة كالأذان ، و قد تقدم مشروعية الدعاء مطلقا عند النداء ، و يدل على خصوصية الإقامة ما أخرجه أحمد ؛
من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا ثوٌب بالصلاة فتحت أبواب السماء و استجيب الدعاء " . و في إسناده ابن لهيعة . ( قلت : هو حسن الحديث في التابعات و الشواهد ) .
و أخرج الحاكم و صححه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه بلفظ : " ساعتان لا تردٌ على داع دعوته ؛ حين تقام الصلاة ، و في الصف ."
و لفظ ابن حبان في ( صحيحه ) من هذا الحديث : " عند حضور الصلاة " ( قلت : و هي عند البيهقي في ( الكبرى 1/411 ) بلفظ : " دعوته حضرة النداء بالصلاة " )
قال الشوكاني : قوله في الحديث : " إذا ثوٌب بالصلاة " ، المراد بالتثويب الإقامة ، و كذلك قوله في الحديث الآخر " حين تقام الصلاة " و " عند حضور الصلاة "