الإلتفات للنفث أثناء الصلاة
صليت يوما في بعض المساجد التي يكثر فيها الشباب المتحمس للسنة - و هذا شيء جميل لكن بعلم- فما إن أحرموا حتى طفق كثير منهم يلوون أعناقهم إلى شمائلهم و هم ينفثون . و مستندهم في هذه ( البدعة ) ما توهموه من رواية مسلم و غيره من حديث عثمان بن أبي العاص قال : " قلت لرسول الله صلى الله عليه و سلم :
إنّ الشيطان قد حال بيني و بين صلاتي ، و بين قراءتي يلبسها علي فقال : " ذاك الشيطان يقال له خنزب ، فإذا أحسسته فتعوّذ بالله منه ، و اتفل عن يسارك ثلاثا . قال : ففعلت فأذهبه الله عني"
أولا هذا الحديث معارض بما ورد في التحذير من الإلتفات في الصلاة ، فقد روت عائشة رضي الله عنها قالت :" سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الإلتفات في الصلاة ؟ فقال : " هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد رواه البخاري في باب " الإلتفات في الصلاة"
فأخشى أن يكون هؤلاء النافثون في صلاتهم من ضحايا الشيطان . لأن الحديث الأول لا يدل إلا على مشروعية الإستعاذة و النفث في حالة الإلتباس و الوسوسة الشديدة ، بحيث لا يدري المرء كم ركعة صلى ، و بأيّ سورة قرأ ، و في أي وقت هو ، و هذا هو المعنى الذي يرشد إليه الحديث . قال أهل اللغة :" لبس عليه الشيء" أي خلطه عليه حتى لا يعرف حقيقته . انظر (تاج العروس4/239)
أما بمجرد حديث نفس أو خاطر عابر ، فإنّ هذا من مكايد الشيطان و مصايده ...
و عن أنس رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم :" إياك و الإلتفات في الصلاة فإنّ الإلتفات في الصلاة هلكة ، فإن كان لا بد ففي التطوع لا في الفريضة" الترمذي و قال : حسن صحيح
و يمكن حمل حديث النفث على حديث أنس هذا ، لأن الأحاديث يفسر بعضها بعضا ...
و يمكن حمل حديث النفث على حديث أنس هذا ، لأن الأحاديث يفسر بعضها بعضا ...
و قد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم حديث الشيطان فقال : " فلا يزال بالمرء يقول له : اذكر؟ ما لم يكن يذكر ، حتى لا يدري كم صلى "رواه البخاري ، و لم يأمره بالنفث و لكن قال صلى الله عليه و سلم :" إذا فعل أحدكم ذلك فليسجد سجدتين و هو قاعد"
خلاصة القول ، أنّ الإلتفات بالنفث في الصلاة لمجرد هاجس عابر مكروه ، لأن حديث النفس مما لا قبَل للإنسان من الإحتراز منه ، فهذا رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو المعصوم يقول:" ذكرت و أنا في الصلاة تبرا عندنا... "
و لو أنّ العبد كلما وجد في نفسه شيئا تفل عن يساره ، كما يفعله هؤلاء ، للزمه الإلتفات كثيرا ، لأن هذا مما لا مناص منه
فالحذر من تلبيس إبليس ، الذي يأتيك في ثوب ظاهره السنة ، و باطنه الإختلاس من الصلاة ، أعاذنا الله من كيده و نجانا من صيده ، آمين ...