قنوت الصبح...
فذهب مالك والشافعي إلى أنه مشروع في صلاة الصبح، إلا أن مالكا عده من فضائل الصلاة ومستحباتها ولا شيء على من تركه عمدا أو سهوا، ولا سجود عليه،
وعده الحسن البصري والشافعي وابن سحنون من المالكية من سننها المؤكدة التي تجبر في حال السهو بالسجود.
وقال أبو حنيفة والثوري وأحمد ويحيى بن يحيى الليثي من أصحاب مالك لا يقنت في شيء من الصلوات الخمس.
قال الحافظ ( الفتح 2/491 ) : " و مجموع ما جاء عن أنس من ذلك ، أن القنوت للحاجة بعد الركوع لا خلاف عنه في ذلك . و أما لغير الحاجة فالصحيح عنه أنه قبل الركوع ".اهـ
قال النووي رحمه الله في ( شرح مسلم 3/364 ): " و أما أصل القنوت في الصبح فلم يتركه حتى فارق الدنيا ، كذا صح عن أنس رضي الله عنه
ﻭقال ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻭ ﺍﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ﻭ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﻭابن القيم يجوزفعله وتركه
يقول الامام ابن القيم فاهل الحديث متوسطون بين هؤلاء وبين من استحبه عند النوازل وغيرها وهم اسعد بالحديث من الطائفتين فانهم يقنتون حيث يقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتركونه حيث تركه ويقولون فعله سنة وتركه سنة ومع هذا فلا ينكرون على من داوم عليه ولا يكرهون فعله ولا يرونه بدعة ولا فاعله مخالفا للسنة كما لا ينكرون على من انكره عند النوازل ولا يرون تركه بدعة ولا تاركه مخالفا للسنة بل من قنت فقد احسن ومن تركه فقد احسن.
وأحسن من تكلم في الجمع بين الأحاديث والآثار التي يبدو في ظاهرها التعارض ،
هو الإمام بن جرير الطبري رحمه الله، حيث قال:" فإن قال قائل: فإنك قد صححت حديث أنس بن مالك، وقلت به في جواز القنوت في صلاة الصبح في كل حال. وتركت القول بخبر طارق بن أشيم الأشجعي مع قولك بتصحيحه، وخلاف خبره خبر أنس.
قيل له: ليس الأمر في ذلك كالذي ظننت، بل نحن قائلون بتصحيحهما وتصحيح العمل بهما
فإن قال: وكيف يكون مصححا لهما وللعمل بهما، وأحدهما يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا، والآخر منهما يخبر عنه أنه لم يره يقنت، وكلاهما قد صلى معه.
قيل: إنا لم نقل إنه لا بد من القنوت في صلاة الصبح، وإنما قلنا القنوت فيها حسن، فإن قنت فيها قانت فبفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل، وإن ترك ذلك فبرخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت فيها أحيانا ويترك القنوت فيها أحيانا.
فأخبر أنس عنه لم يزل يقنت فيها على ما لم يزل يعهد من فعله في ذلك القنوت فيها مرة، وترك القنوت فيها أخرى، معلما بذلك أمته أنهم مخيرون في العمل على ذلك[ إن ] شاءوا عملوا به.
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
ذهب السادة المالكية على المشهور إلى استحباب القنوت في الصبح فقط ، دون سائر الصلوات قبل الركوع وأن يكون سراً، بحيث يقنت الإمام والمأموم والمنفرد سراً، ولا بأس برفع اليدين فيه، ويكون عقب القراءة بلا تكبير قبله، ويجوز بعد الركوع أيضاً، والأفضل كونه قبل الركوع عقب القراءة، ومن ترك القنوت عمداً أو سهواً فلا شيء عليه، فإن سجد لتركه قبل السلام بطلت صلاته، ولا يرتبط القنوت عندهم بالنوازل، بل هو مستحب عندهم على الدوام بالصفة المذكورة؛ جاء في مختصر الإمام خليل المالكي رحمه الله:" ونُدِبَ َقُنُوتٌ سِرًّا بِصُبْحٍ فَقَطْ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ "اهـ.
وقال الإمام الخرشي المالكي رحمه الله كما في شرحه:" وَنُدِبَ الْقُنُوتُ عَلَى الْمَشْهُورِ ...وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سِرًّا وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فِي الصُّبْحِ لَا فِي وِتْرٍ وَلَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لَهُ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ لَكِنْ لَوْ وَقَعَ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ "اهـ.
ونقل الإمام الحطاب المالكي رحمه الله في مواهب الجليل عن الْجَلَّابُ قوله:" لَا بَأْسَ بِرَفْعِ يَدَيْهِ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ "اهـ.
ويندب أيضاً عند المالكية أن يكون القنوت باللفظ المذكور في السؤال؛ فقد قال الشيخ محمد عليش المالكي رحمه الله في منح الجليل:" ( وَ ) نُدِبَ ( لَفْظُهُ ) أَيْ الْقُنُوتِ الْمَخْصُوصِ الَّذِي قِيلَ كَانَ سُورَتَيْنِ مِنْ الْقُرْآنِ وَنُسِخَتَا ( وَهُوَ ) أَيْ لَفْظُهُ الْمَنْدُوبُ ( اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك ) ( إلَخْ ) أَيْ وَنَسْتَغْفِرُك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك، وَنَخْنَعُ وَنَخْلَعُ لَك، وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَك، وَنَخَافُ عَذَابَك الْجَدَّ، إنَّ عَذَابَك بِالْكَافِرِينَ مُلْحِقٌ. وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَنُثْنَى عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ، نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك "اهـ.
وقد اختلف الفقهاء في القنوت على مذاهب:فذهب مالك والشافعي إلى أنه مشروع في صلاة الصبح، إلا أن مالكا عده من فضائل الصلاة ومستحباتها ولا شيء على من تركه عمدا أو سهوا، ولا سجود عليه،
وعده الحسن البصري والشافعي وابن سحنون من المالكية من سننها المؤكدة التي تجبر في حال السهو بالسجود.
وقال أبو حنيفة والثوري وأحمد ويحيى بن يحيى الليثي من أصحاب مالك لا يقنت في شيء من الصلوات الخمس.
قال الحافظ ( الفتح 2/491 ) : " و مجموع ما جاء عن أنس من ذلك ، أن القنوت للحاجة بعد الركوع لا خلاف عنه في ذلك . و أما لغير الحاجة فالصحيح عنه أنه قبل الركوع ".اهـ
قال النووي رحمه الله في ( شرح مسلم 3/364 ): " و أما أصل القنوت في الصبح فلم يتركه حتى فارق الدنيا ، كذا صح عن أنس رضي الله عنه
ﻭقال ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻭ ﺍﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ﻭ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﻭابن القيم يجوزفعله وتركه
يقول الامام ابن القيم فاهل الحديث متوسطون بين هؤلاء وبين من استحبه عند النوازل وغيرها وهم اسعد بالحديث من الطائفتين فانهم يقنتون حيث يقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتركونه حيث تركه ويقولون فعله سنة وتركه سنة ومع هذا فلا ينكرون على من داوم عليه ولا يكرهون فعله ولا يرونه بدعة ولا فاعله مخالفا للسنة كما لا ينكرون على من انكره عند النوازل ولا يرون تركه بدعة ولا تاركه مخالفا للسنة بل من قنت فقد احسن ومن تركه فقد احسن.
وأحسن من تكلم في الجمع بين الأحاديث والآثار التي يبدو في ظاهرها التعارض ،
هو الإمام بن جرير الطبري رحمه الله، حيث قال:" فإن قال قائل: فإنك قد صححت حديث أنس بن مالك، وقلت به في جواز القنوت في صلاة الصبح في كل حال. وتركت القول بخبر طارق بن أشيم الأشجعي مع قولك بتصحيحه، وخلاف خبره خبر أنس.
قيل له: ليس الأمر في ذلك كالذي ظننت، بل نحن قائلون بتصحيحهما وتصحيح العمل بهما
فإن قال: وكيف يكون مصححا لهما وللعمل بهما، وأحدهما يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا، والآخر منهما يخبر عنه أنه لم يره يقنت، وكلاهما قد صلى معه.
قيل: إنا لم نقل إنه لا بد من القنوت في صلاة الصبح، وإنما قلنا القنوت فيها حسن، فإن قنت فيها قانت فبفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل، وإن ترك ذلك فبرخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت فيها أحيانا ويترك القنوت فيها أحيانا.
فأخبر أنس عنه لم يزل يقنت فيها على ما لم يزل يعهد من فعله في ذلك القنوت فيها مرة، وترك القنوت فيها أخرى، معلما بذلك أمته أنهم مخيرون في العمل على ذلك[ إن ] شاءوا عملوا به.