-->
الدعوة والحياة للشيخ مصطفى بن داود الجزائري الدعوة والحياة للشيخ مصطفى بن داود الجزائري
الردود على المتعصبة

آخر الأخبار

الردود على المتعصبة
recent
جاري التحميل ...
recent

خطبة عن صلاة الاستسقاء نزول المطر

بسم الله الرحمان الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم تسليما


الاستسقاء

الخطبة الأولى :
أستغفر الله
الحمد لله رب العالمين , الرحمان الرحيم , ملك يوم الدين  والحمد لله مغيث المستغيثين , ومجيب المنظرين , ومسبغ النعمة على العباد أجمعين , لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد, لا إله إلا الله الواسع المجيد , لا إله إلا الله الذي عم بفضله وإحسانه جميع العبيد , وشمل بحلمه ورحمته ورزقه القريب والبعيد﴿ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها ﴾ ﴿هود 6﴾   ﴿وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ﴾ ﴿الأنعام 59﴾ . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين, وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله أفضل النبيين المؤيد بالآيات البينات والحجج الواضحات والبراهين , صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تمسك بهداهم إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أما بعد: فيا أيها المسلمون: اتقوا الله واعرفوا نعمته عليكم﴿يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز ﴾ فاطر ﴿15 -17﴾ وهو مع غناه عنكم يأمركم بدعائه ليستجيب لكم , وسؤله ليعطيكم , واستغفاره ليغفر لكم وأنتم مع فقركم وحاجتكم إليه تعرضون عنه وتعصونه, وأنتم تعلمون أن معصيته تسبب غضبه عليكم وعقوبته لكم, ففي سنن ابن ماجة من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: ﴿يا معشر المهاجرين , خمس خصال أعوذ بالله أن تدركوهن , ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا , ولا نقص الميكال إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان, وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا المطر من السماء , ولولا البهائم لم يمطروا , ولاخفر قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم , فأخذوا بعض ما في أيديهم , وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم ﴾.فذكر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث خمسة أنواع من المعاصي , كل نوع منها يسبب عقوبة من العقوبات ومن ذلك: منع الزكاة , نقص الميكال يسببان منع المطر, وحصول القحط , وشدة المؤونة , وجور السلطان, وأنتم في هذه الأيام ترون تأخر المطر عن وقته, وإجذاب المراعي , مما يترتب عليه تضرر العباد والبلاد والبهائم. قال أبو هريرة رضي الله عنه : إن الحبارى لتموت في وكرها من االظالم. وقال مجاهد : إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة, وأمسك المطر, تقول هذا بشؤم معصية ابن آدم . أما منع الزكاة فقد ابتلى كثير من الناس اليوم بتضخم الأموال في أيديهم , وصاروا يتساهلون في إخراج الزكاة إما بخلا بها إذا نظروا إلى كثرتها, وإما تكاسلا , عن إحصائها وصرفها في مصارفها. وأما نقص المكاييل فالبعض من الناس حملها الطمع والجشع على الغش في المعاملات ونقص المكاييل والموازين وبخس الناس أشياءهم, بعض الناس يضعون الردئ في الأسفل , والجيد في الأعلى , ويقولون كله من النوع االجيد, وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من فعل مثل هذا وزجره حينما مر على بائع طعام, فأدخل يده صلى الله عليه وسلم فيه , فأدرك في أسفله بللا, فقال: ما هذا ياصاحب الطعام ؟ قال: أصابته السماء يارسول الله , يعني المطر فقال صلى الله عليه وسلم: ﴿ أفلا جعلته ظاهرا حتى يراه الناس , من غشنا فليس منا﴾ فقد اعتبر صلى الله عليه وسلم إخفاء المعيب وإظهار السليم غشا للمسلمين وتبرأ من فاعله , وبعض الباعة يغررون بالمشترين الذين لايعرفون أقيام السلع , ويثقون بهم , فيرفعون عليهم القيمة , ويغبنونهم غبنا فاحشا . وكل هذه الجرائم وغيرها مما في أسواق المسلمين تسبب العقوبات الخاصة والعامة , ومن ذلك ما تشاهدون من تأخر المطر الذي به حياتكم وحياة بهائمكم وزرعكم وأشجاركم قال تعالى: ﴿ وهو الذي أرسل الرياح نشرا بين يدي رحمته , وأنزلنا من السماء ماءا طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا  ﴾ ﴿الفرقان 48 -50﴾ قال الحافظ ابن كثير رحمه الله , وقوله تعالى: ﴿ولقد صرفناه بينهم ليذكروا ﴾ أي : أمطرنا هذه الأرض دون هذه, وسقنا السحاب يمر على الأرض ويتعداها ويتجاوزها إلى الأرض الأخرى , فيمطرها ويكفيها ويجعلها غدقا, والتي وراءها لم بنزل فيها قطرة ماء , وله في ذلك الحجة البالغة والحكمة القاطعة قال ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم: ليس عام بأكثر مطرا من عام ولكن الله يصرفه كيف يشاء . ثم قرأ هذه الآية : ﴿ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا﴾ ﴿الفرقان 50﴾ أي: ليذكروا بإحياء الله الأرض الميتة أنه قادر على إحياء الأموات والعظام الرفات , أو ليذكر من منع المطر إنما أصابه ذلك بذنب أصابه فيقلع عما هو فيه, فالمطر نعمة من الله على عباده قال تعالى : ﴿أفرأيتم الماء الذي تشربون ءأنتم أنزلتموه أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون ﴾ ﴿الواقعة 68 -70﴾
فهو الذي أنزل هذا المطر بمنه وفضله, ولو شاء بحبسه فتضرر العباد وهو الذي جعله عذبا فراتا سائغا شرابه , ولو شاء جعله ملحا أجاجا لا يصلح للشرب.
عباد الله , أن الله أرشدنا عند احتباس المطر إلى أن نستغفره من ذنوبنا التي بسببها حبس عنا المطر  
قال تعالى: ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين﴾﴿هود 52 ﴾.

الخطبة الثانية
أستغفر الله.
الحمد لله الغفور التواب والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأواب وعلى آله وأصحابه ومن تبعه إلى يوم المآب.
أما بعد: فيا معشر المسلمين.
إن الاستغفار والتوبة سبب لنزول المطر , قال تعالى: ﴿ فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ﴾ ﴿نوح10-12﴾
أي: إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم وأسقاكم من بركات السماء وأنبت لكم من بركات الأرض وأنبت لكم الزرع وأدر عليكم الضرع وأمدكم بأموال وبنين, وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وتتخللها الأنهار الجارية , وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته الاستسقاء عند احتباس المطر وذلك بالصلاة والدعاء والتضرع إلى الله تعالى, فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه استسقى على وجوه: منها أنه استسقى يوم الجمعة على المنبر أثناء خطبته , ومنها أنه وعد الناس يوما يخرجون فيه إلى المصلى , فصلى بالناس ركعتين وخطب ودعا , مما يدل على أنه مطلوب من المسلمين جميعا عند امتناع المطر أن يحاسبوا أنفسهم ويتوبوا إلى ربهم , لأن ذلك بسبب ذنوبهم , كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رشي الله عنه: ﴿ ولقد أخذنا ءال فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون ﴾﴿الأعراف 130 ﴾ وقال تغالى: ﴿ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرغون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون﴾ ﴿الأنعام 42-43 ﴾ فاتقوا الله – عباد الله- وتوبوا إلى ربكم , وخذوا على أيدي سفهائكم بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. ﴿إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ﴾ ﴿الحجرات 10 ﴾.
اللهم أنت الغني ونحن الفقراء , أنزل علينا الغيث , ولا تجعلنا من القانطين, اللهم اجعل ما أنزلته علينا قوة لنا على طاعتك ومتاعا إلى حين , اللهم اسقنا غيثا مغيثا غدقا, سحا طبقا , عاما نافعا غير ضار, هنيئا مريئا عاجلا غير آجل, اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق, اللهم اسق عبادك وبلادك وبهائمك , وانشر رحمتك وأحيي بلدك الميت , اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والشدة والجهد والضيق والضنك ما لا نشكوه إلا إليك يا سميع الدعاء. اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع, وأنزل علينا من بركات السماء , واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك يا أرحم الراحمين. 



 







إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

عن الموقع

عن الموقع
موقع الدعوة والحياة من إنشاء الشيخ الجزائري مصطفى بن داود يسعى هذا الموقع لنشر العقيدة الصحيحة والدفاع عن الفقه المالكي وتبيين أدلته كما يسعى أيضا للرد عن بعض المخالفين المتعصبين .

زوار الموقع

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة